ذكرى فاتن حمامة .. هددت بطرد عبدالوهاب فى فيلم يوم سعيد

تحل اليوم ذكرى ميلاد فاتن حمامة، أيقونة السينما العربية وسيدة الشاشة، التي وُلدت عام 1931، وخلدت اسمها في ذاكرة الفن العربي بموهبتها العظيمة، واختياراتها الذكية، ورسالتها التي ظلت تدافع عن المرأة وقضايا المجتمع حتى آخر لحظة من حياتها الفنية.
زكي طليمات سبب وجود فاتن حمامة على الشاشة
في فصلٍ مميز من كتابه ذكريات ووجوه، يروي رائد المسرح العربي زكي طليمات واقعة إنقاذه لموهبة كانت على وشك أن تُفتقد قبل أن ترى النور، وهي الطالبة الأصغر سناً في الدفعة الأولى لمعهد التمثيل.. فاتن حمامة.
يصف طليمات الطالبة الصغيرة بـ العروسة، بوجه بالغ الوسامة وعينين لا تهدآن، لكن خلف هذا الجمال صوت ضعيف ولدغة في حرف الراء كانت تنذر بخطر كبير، فقد كانت تنطق الراء كـ الغين، في عيب لغوي لا يمرّ على أساتذة التمثيل مرور الكرام.
اكتشف طليمات أن مشكلتها ليست عضوية، بل ضعف في حركة طرف اللسان ولعلاج ذلك، لجأ إلى استفزازها نفسيًا حتى تشتعل انفعالاتها وتتدفق مشاعرها، في محاولة لتحفيز عضلات النطق الخاملة.
طلعي لسانك.. صرخ بها طليمات أمام الجميع في معهد التمثيل، فرفضت ببراءة: لساني مش ناقص حتة، لكنها خضعت لتعليماته القاسية والمحفزة، ووسط انفعالات الغضب، أجبرها على قراءة جملة طويلة غنية بحروف الراء، وما إن قرأتها حتى بدأت الأعجوبة: اللّدغة تتلاشى.
من اللدغاء إلى سيدة الشاشة
صفّق طليمات قائلاً: أحسنتِ يا فاتن، ومنحها تمرينًا يوميًا قائلاً: هذا التمرين تباشرينه كل يوم عشر مرات هكذا، لم يكن هذا مجرد درس نطق، بل بداية ولادة نجمة ستتربع على عرش السينما العربية لعقود.
أيضاً روت فاتن موقفا طريفا لها حينما أكدت أنها خلال تصوير فيلم يوم سعيد طلب المخرج منها عدم النظر إلى الكاميرا نهائيًا، لأنها كانت طفلة شقية، وما أن رأت محمد عبدالوهاب ينظر للكاميرا حتى طلبت من المخرج طرده من موقع التصوير، الأمر الذى جعل عبد الوهاب يضحك بشدة فور علمه بما حدث.
فاتن حمامة والمرأة
قدمت فاتن حمامة نماذج نسائية قوية في أفلام خلدها التاريخ مثل: أريد حلاً الذي ساهم في تعديل قانون الأحوال الشخصية،
والحرام الذي صرخ في وجه الظلم الطبقي، وإمبراطورية ميم الذي أظهر صراع المرأة بين العمل والأسرة.
كانت أدوارها مرآة للواقع، تسلط الضوء على قضايا الطلاق، التحرش، التمييز، والفقر، وتضع المرأة في مواجهة الظروف لا كضحية فقط، بل كصانعة قرار.
إرث لا ينسى
رحلت فاتن حمامة في 17 يناير 2015، لكنها تركت خلفها إرثًا فنّيًا وإنسانيًا يصعب تكراره. في ذكرى ميلادها، لا نُحيي فقط مسيرتها، بل نُجدد الإيمان بأن الفن يمكن أن يكون رسالة، وأن المرأة حين تمسك بالكاميرا أو تقف أمامها، يمكنها أن تغير واقعًا كاملاً.