رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
كل النجوم صوت وصورة
رئيس التحرير
عبدالحميد العش
facebook twitter youtube instagram tiktok

صحافة زمان.. أسبوع من حياة يحيى شاهين بخط يده

يحيى شاهين
يحيى شاهين

«سي السيد» الشخصية الأشهر في تاريخ السينما المصرية، والتي قدمها العبقري يحيى شاهين في ثلاثية الأديب العالمي نجيب محفوظ: «بين القصرين، وقصر الشوق، والسكرية» وأخرجها حسن الإمام.

 عُرفت تلك الشخصية بالتسلط والديكتاتورية على المرأة والأسرة، وربط الكثير من الجمهور بين شخصية يحيى شاهين الحقيقية، وشخصية «سي السيد»، ولكنه في الواقع لم يكن ديكتاتوراً ولا متسلطاً في حياته الشخصية، وقد اخترنا لكم اليوم من صحافة زمان، أسبوعاً من حياة يحيى شاهين، كتب مذكراته فيه وعنه بنفسه، وبخط يده، وجاءت كما يلي:

السبت: زرت اليوم صديقي الفنان عماد في مستشفى المعادي، وكنت قد زرته عدة مرات خلال الأيام الماضية، حزنت لحزنه بسبب الجحود الذي لاقاه من زملائه وأصدقائه، والذين لم يكلفوا خاطرهم بالسؤال عنه، وهذه أبسط قواعد الوفاء أن يجد الإنسان أصدقائه بجواره في لحظة ضعفه، غير أنه من المفترض أن يعالج الفنان على نفقة الدولة بقرار استثنائي، وأن يكون هناك نظام ثابت للمعاشات والمعاقين، فمن العار أن يضطر فنان كبير له قدره وماضيه العظيم إلى العمل ككومبارس لكي يعيش. 

الأحد: نفس الشكوى المرة من الجحود سمعتها من أستاذنا الكبير يوسف وهبي، عندما زرته في بيته وهو على فراش المرض، ما من لمسة وفاء وجدها من زملائه أو من الجيل الذي تتلمذ على يديه، تحضرني ذكرى قديمة مع أستاذي يوسف وهبي عندما كان لي شرف العمل معه في فرقة رمسيس، وكان أجري 20 قرشاً في الليلة، وقتها كنت أشعر أن الأجر الحقيقي والذي لا يقدر بمال هو أني أعمل مع أستاذ جليل وأب وأخ بمعنى الكلمة مثل يوسف وهبي.

الإثنين: قرأت بعض السيناريوهات التي أرسلها إلي بعض المنتجين، لم أجد الدور الذي يليق بي بعد كفاح فني عمره أكثر من 45 سنة، هل أصبحت السينما كلها قصص حب وغرام! هل هذه هي مشاكل مجتمعنا الجديد! أين الريف؟ أين الثورة الخضراء؟ أين تاريخنا من أيام الفراعنة؟ أين ملحمة أكتوبر المجيدة؟ لهذا أرد إلى المنتجين ما يرسلونه إلي من سيناريوهات وأقول لهم لا تظنوا إني «جعان» وسوف أرضى بالعمل من أجل لقمة العيش، أنا والحمد لله مش جعان وحتى لو كنت، فلن أدخل استوديو وأعمل بفيلم لا أرضى عنه. الآن أعمل في مسلسل «الأب العادل» من إخراج نور الدمرداش، هذه أول مرة أعمل معه وتأكد لي أنه يستحق لقب «ملك الفيديو». 

الثلاثاء: آخر يوم تصوير بالمسلسل، بعده أستعد للسفر، إلى رحلتين كل عام، رحلة ترفيهية لأحد المصايف مع الأسرة، ورحلة روحية لأداء العمرة أنا وزوجتي، قد قمت بأداء فريضة الحج وأحافظ على العمرة كل عام مهما كانت الظروف، ذهابي للحج له ذكرى لا أنساها أبداً، كنت أشارك في فيلم «فجر الإسلام» وجاءت لقطة أقول فيها «السلام عليك يا رسول الله»، شعرت وقتها بشعر رأسي يقف، وتلعثم لساني بالكلمات وقبل أن أطلب من صلاح أبو سيف أن يعيد تصوير اللقطة، وجدته يصيح هو ومن حوله إعجاباً بما حدث، فكانت اللجلجة أصدق تعبير عن رهبة الموقف، فقلت لنفسي «يا رب إن كان هذا شعوري في التمثيل فجد علي بأن أحج إلى بيتك الحرام».

وفي اليوم التالي فوجئت بصديق لي يزرني بالمنزل، دهشت لزيارته المفاجئة ولكنه أخبرني بأنه مر علي قبل أن يذهب لتقديم طلب حج بالقرعة واقترح علي أن أقدم طلباً باسمي، أعترف بأني لم أكن أصلي أو أصوم، وعندما ظهرت النتيجة، فزت أنا ولم يُكتب النصيب لصديقي، فتذكرت دعوتي إلى الله وشكرته على الاستجابة، ومنذ هذا اليوم لم أقطع الصلاة.

الأربعاء: أنا سعيد اليوم لأني خالٍ من الارتباطات، وأستطيع أن أتفرغ للقراءة، شيئان أفضلهما في قراءاتي، أولاً القرآن الكريم وكتب التفسير، وثانياً الشعر مع كلام الله، أشعر بأني أقترب منه أكثر وأكثر، ومع أشعار شوقي وعزيز أباظة أشعر أني أهرب من مشاكل الحياة والتوتر. 

الخميس: «إصحى يا يحيى، داليا ابتدت تسنن» على صوت زوجتي صحوت من النوم، وأسرعت مهللاً إلى الحبيبة الغالية داليا، ورحت أقبلها وأمتع نظري بمنظر إصبعها الصغير وهي تتحسس به لثتها، مكان السن الجديد.

أحمد الله أن منّ بها علي أنا وزوجتي بعد طول صبر، داليا معجزة تشهد بأن إرادة الله فوق إرادة البشر وقدرة الطب والعلم، أعطاني الله الشهرة والمال والزوجة الطيبة، وظل سنوات طويلة يحرمني من أكبر أمنية في حياتي، وظللت صابراً إلى أن كافأني الله أنا وزوجتي بالعزيزة داليا، عندما ولدت قررت أن أسميها «نبوية» على إسم أمي، ولكن زوجتي أصرت على إسم داليا.

الجمعة: يوم الأسرة، نهرب فيه من القاهرة بزحامها وضجيجها، عادةً نذهب إلى عزبة أحد الأصدقاء، ونمضي يومنا بين الحقول وأهل الريف، وبمناسبة الريف، أتمنى أن تهتم السينما بأفلام الريف.

وكانت تلك جزء من مذكرات العملاق يحيى شاهين، والتي وردت بـ «صحافة زمان».

 

 

تم نسخ الرابط